حكم استخدام جوزة الطيب في الطعام والشراب

  • أ.د. عاصم القريوتي
  • 8488
نشر عبر الشبكات الإجتماعية
حكم استخدام جوزة الطيب في الطعام والشراب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فلما كانت “جوزة الطيب” مما يستخدم كثيرا ضمن أنواع التوابل وفي بعض الحلويات جمعت ما وقفت عليه من كلام أهل العلم في حكم استخدامها الشرعي، فأقول وبالله أستعين:

جوزة الطيب أو جوز الطيب العطري وتسمى في العراق باسم جوزبوا، وهي نوع نباتي من الفصيلة الطيبية. والاسم العلمي لها: Myristica fragrans .

وتعتبر من نباتات المناطق الحارة، وموطنها الأصلي ماليزيا وإندونيسيا وسيلان. ويستخدم لب البذور كتابل في بعض البهارات كبهارات البرياني وفي بعض الحلويات.

تأثيرها الطبي: لها تأثير سام ومخدر في نفس الوقت، يقول

Goodman and Gilman: The Pharmacological Basis of Therapeutics

جودمان وجلمان في علم العقاقير:

“إذا تم استخدام جوزتي طيب دفعة واحدة فإن ذلك يؤدي إلى خدر الأطراف ونوع من الهلوسة أو عدم الشعور بحقيقة الأشياء، وكثيراً ما تحدث نوبات هياج وخوف يصحبها خفقان في القلب، مع جفاف الجلد وهي أعراض مشابهة لأعراض التسمم بالبلادونا”.

حكم استخدامها الشرعي:

جعلها بعض الفقهاء بناء على ما سبق ضمن المخدرات أو المسكرات إذ نص جمع من الحنابلة والمالكية وذُكِر عن شيخ الإسلام ابن تيمية وهو اقتضاء كلام بعض أئمة الحنفية.

وقد اعتبر الإمام الحطاب المالكي ، الحشيشة والأفيون وأمثالهما من المخدرات، كما ذكر العلامة ابن عابدين، جوزة الطيب، والعنبر والزعفران، وقال: هذه كلها مسكرة.

وقد قال الحطاب في كتابه مواهب الجليل بشرح الحطاب على متن خليل:

 “المسكرات أربعة: الخمر والبنج والأفيون والجوزة”

وفي الدر المختار (6 / 458): “تحرم جوزة الطيب لكن دون حرمة الحشيشة قاله المصنف”.

وفي “تكملة حاشية رد المحتار” (1 / 15) :

للشيخ كمال الدين بن أبي شريف في رسالة وضعها في ذلك، وأفتى بحرمتها الاقصراوي من أصحابنا، وقفت على ذلك بخطه الشريف لكن قال: “حرمتها دون حرمة الحشيش، والله أعلم”.

ونص ابن عابدين في الحاشية (6 / 458) على تحريم أكل الكثير من جوزة الطيب والعنبر والزعفران ؛ لأن هذه الأشياء مسكرة، والمراد بالإسكار تغطية العقل لا مع الشدة المطربة.

وقال ابن حجر المكي الهيتمي في كتابه “فتح الجواد بشرح الإرشاد”:

“خرج بالمسكر مزيل العقل من غير الأشربة، كالبنج (الشيكران)، والحشيشة، والأفيون، وجوزة الطيب، فإنه وإن حرم لكن فيه التعزير فقط إذ ليس فيه شدة مطربة”.

 وقال في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر: “إن ما ذكرته في الجوزة من حرمة تعاطيها هو ما أفتيت به قديماً، وأفتى ابن دقيق العيد بأن الجوزة مسكرة.”

وفي تحفة الحبيب على شرح الخطيب (1 / 149) :

“ما ذكرته في تحريم جوزة الطيب من أنها مسكرة بالمعنى المذكور وأنها حرام صرح به أئمة المذاهب الثلاثة أي غير الحنفي واقتضاه كلام الحنفية”.

حكم استخدام القليل من جوزة الطيب:

رغم اتفاق الفقهاء كما سبق على حرمة تناول الكثير منها المسبب للإسكار أو التخدير إلا أنهم لم يتفقوا على حرمة القليل منها الذي يستخدم لإصلاح الطعام.. وقد كانت تستخدم في معظم البيوت في العالم الإسلامي لهذا الغرض، وأباح ذلك بعض الفقهاء.

ولا شك أنها تحرم عندما تستخدم بالقدر المسكر ولأغراض اللهو، وأما إذا استخدمت للتداوي أو لإصلاح الطعام أو في الطيب فإنها لا تحرم كما في الفقه الإسلامي وأدلته (7 / 211) :

ولا حرج في استعمال جوزة الطيب ونحوها في إصلاح نكهة الطعام بمقادير قليلة لا تؤدي إلى التفتير أو التخدير.

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية (11 / 35) :

وَيَحْرُمُ الْقَدْرُ الْمُسْكِرُ الْمُؤْذِي مِنْ جَوْزَةِ الطِّيبِ فَإِنَّهَا مُخَدِّرَةٌ، لَكِنْ حُرْمَتُهَا دُونَ حُرْمَةِ الْحَشِيشَةِ.

وقال شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله في عون المعبود (10 / 96) :

“وأما الجوز الطيب والبسباسة والعود الهندي فهذه كلها ليس فيها سكر أيضا وإنما في بعضها التفتير وفي بعضها التخدير ولا ريب أن كل ما أسكر كثيره فقليله حرام سواء كان مفردا أو مختلطا بغيره وسواء كان يقوى على الإسكار بعد الخلط أو لا يقوى”

ثم ذكر أن أكل المقدار الزائد الذي يحصل به التفتير لا يجوز أكله، لأن التحريم للتفتير لا لنفس المفتر فيجوز قليله الذي لا يفتر.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وينظر إضافة لما سبق:

كنوز في الرقية والطب النبوي (ص: 376)

الفتاوى الفقهية الكبرى (4 / 229) ، و”مجلة مجمع الفقه الإسلامي” (8 / 1384)و”مجلة البحوث الإسلامية (23 / 56 فما بعدها).

كتبه أ. د. عاصم بن عبدالله القريوتي

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

إغلاق

تواصل معنا

إغلاق